العلم هو الذي يغيّر العالم. أمّا الاقتصاد فيستغلّ ما يتوصّل إليه العلم من النتائج. ويضيف إليها ملحقات افتراضيّة. وأمّا السياسة فتنظّم وتحاول أن تسيطر على تطوّرٍ ما ينفكّ يفلت منها. ولا نـحتــاج إلـى الـتذكـيـر بأنّ اختراع الطبــاعة في القرن الســادس عشر هو الذي أفقد الكنسية سيطرتها المطلقة على الفكر العقلـيّ والعلميّ. ولنفكّرْ في القرن التاسع عشر فقد تمّت فيه اكتشافات عديدة كالكهرباء والرّاديو والتليفون والسيارات والبترول والميكروبات وتعميم التلقيح وتطوّر السكك الحديديّة وغيرها. وكان من نتائجِها ولادة الرأسماليّة وتوسّع المدن الضخمة المبنيّة حول المصانع وتطوّر البورصة وازدهار شركات رأسـماليّة كبيرة. وقبالـة ذلك ولدت الحركة الاجتماعية المنظّمة والنقابات. إن تاريخ الحضارات البشرية تنتجه في المقام الأول تطوّرات العلم وما يسمح به من التقنيات. وأمّا بقيّة العوامل فتأتي بعد ذلك. والفارق في التطوّر بين البلدان يعكس مدى سرعتها في استيعاب وتطويع الاكتشافات العلمية الجديدة أو الاختراعات التكنولوجية. فقد لا يخطر على البال أنّ قوّة أمريكا المتزايدة في القرن العشرين وهيمنتها على العالم تجدان منبتا لهما في فكرة عبقرية برقت في ذهن شابّ سربيّ مهاجر..
عدد الصفحات : 336
الحجم : 6.5 ميجا
عن هيشو هشام