. التكوين الأساس و التكوين المستمر
أصبحت الحاجة – اليوم – إلى التكوين أكثر إلحاحا، نظرا لما تمليه الرغبة في مواكبة التطورات السريعة للمجتمع و التكنولوجيا و الاقتصاد و المعرفة، و كذا التطور المستمر للعلوم.
و إذا كان تكوين المكونين بمثابة الأرضية الحقيقية التي تتبلور عليها خرائط صنع الواقع االاقتصادي الذي نعيشه جميعا، نؤثر فيه و نتأثر به، في اتجاه المستقبل المليء بالتحديات.
I. تكوين المكونين :
1. ماهية التكوين ؟
أ. تعريـــف التكويــــن :
يقصد بالتكوين صناعة و تأهيل المدرسين و المكونين في مجال معين، بغية الإرتقاء بأدائهم المعرفي و الميداني، كما يعني كذلك : التعليم المخصص لإكساب شخص ما أو مجموعة معينة، معارف نظرية و عملية ضرورية لمزاولة مهنة أو نشاط.
و هو بذلك بمثابة معبر سيار ضروري لممارسة مهنة ما … أو مسافة معرفية و منهجية، لابد من عبورها مرات كثيرة لكل من يضع تكوينه الأساس موضع تطوير و تجديد و مساءلة.(1)
ب. التكويــــن الأســـاس :
يتلقى فيه الموظف تكوينا نظريا متنوعا في مجالات متعددة تسمح له بمزاولة عمله … كما يعرف هذا التكوين بالتكوين بالتناوب، الذي ساد العالم منذ تسعينيات القرن الماضي، و سمي بذلك، لكونه يزاوج بين النظري و العملي – التطبيقي، و خلاله أيضا يتلقى الموظف أبجديات أخلاقيات المهنة، القائمة على روح المواطنة و الضمير المهني، إلى جانب الحمولة الفكرية و النظرية و المعرفية و العملية التي يتخرج بها، لتكون المعين و المساعد له على تحسين مردوديته.
ج. التكويــــن المستمــــر :
يحيل مفهوم التكوين المستمر على الإستمرارية و الإمتداد و ليس على التكوين المناسباتي، كما يحيل على التكوين الذي يتلقاه المدرسون أو الموظفون أو غيرهم بعد التكوين الأولي (الأساس) الذي حصلوا عليه قبل الخدمة، و يستهدف مسايرة التطور الذي يحصل عادة في بنيات العمل الذي يمارسونه.
إنه تكوين مرافق للممارسة من أجل عطاء مستقبلي أفضل و من أجل تنمية مهنية متواصلة، و هو رفض للجمود الفكري و المهني، و يمكن أن نموقعه بين لحظتي ما قبل التكوين و بعده. و هذه العملية تحتاج إلى تعامل منهجي و إجرائي و تقويمي، بغية التمكن من الآليات القمينة بتتبع مسار التحسن و التطور عبر الإيقاعات الزمنية.
د. التكويــــن الذاتــــي :
يتم تدبير التكوين الذاتي من قبل الموظف بنفسه، اعتمادا على إمكانياته و حاجياته، و هو بمثابة لحظة للتأمل تتوخى إعادة النظر في المفاهيم النظرية و التجربة (العمل الميداني)، و يرتكز على القراءة و البحث ا المستمرين اللذين يساعدان الالموظف على إشباع الحاجات المتطورة للعمل الذي يمارسه . إنه تكوين يتم وفق سيرورة مستمرة للخلق و الإبتكار و الإبداع.(2)
2. تكوين الموظفين في عصرنا الحالي :
لا يمكن الحديث عن التكوين بكل أنواعه، دون الحديث عن ظروفه و استراتيجياته و شروط إنجاحه ليساهم في الإرتقاء بأداء العنصر البشري ، الذي قال بشأنه “ألفريد مارشال” : “أغلى و أثمن رؤوس الأموال هي تلك التي تستثمر في الرأسمال البشري” و دافع عن هذا الرأي المفكر الهندي “أمارتيا صن” – الحائز على جائزة نوبل سنة 1999م- في كتابه (التنمية حرية) فبماذا قامت بلادنا بهذا الصدد؟
يعتبر مجال الموارد البشرية أحد أهم المرتكزات الأساسية للنهوض بمنظومة العمل و المردودية، لذا يشكل تكوين المو ظفون و أطر الإدارة حلقة أساسية في الإصلاح الاقتصادي من خلال المساهمة في تطوير دور التكوين فيكل المجالات و تحديثها، و الرفع من أدائها و مردوديتها.